في ليلة دامس ظلامها ، إذا أخرجت يدك لم تكد تراها ، في ظلمات بعضها فوق بعض ،
أعتليت سطح منزلنا ، ونظرت نظرة الى السماء ، فإذا بها تكاد ان تخر على الارض لكثرة
نجومها ، جمال بديع يسحر الالباب ، كلها بشير خير ، نجوم يستحيل عدها ، تسبح في خضم
الكون الرحيب ، بأشكال هندسية تصيبك بالذهول ، أقسم أنك تسمع همس تسابيحها الى اذنيك ،
كلها ما بين لامع وخافت ، جعل السماء تلبس ابهى حللها ، حينها انطلق نظري يجوب يمينا
وشمالا هنا وهناك ، لا يكلّ ولا يملّ ، وبكل سذاجة اطلق أسما لكل نجم يشد نظري ، واقتطع
ممالك لكل صديق وحبيب ، وبدأ لي في ذلك المنظر ملامح الطاهرين .
وفجأة رأيت شهابا ، فعرفت حينها أنه دخل ذلك المدار دخيل ، يحمل الكثير من الادران والشر،
فهي تطرد كل الحاقدين والحاسدين وكل من يتأبط شرا من مدارها
فقررت حينها ان نرحل انا وأحبتي ، هناك في أحد تلك الكواكب النيرة لننعم بحياة هادئة
بلا حروب ، بلا فقر ، بلا خوف ، بلا عبودية ، بلا تبعية ، بلا شقاق وانشقاق ، بلا ألم
بلا اشواك ، بلا طمع ، بلا غل ، بلا حسد .
نريد أن نعيش سعداء طوال حياتنا ، بل الى قيام الساعة ، ولكن هيهات فهذا يتطلب مني
أن أنظف حتى أصير كالثلج طهارة ، كالاطفال براءة ، فلدي ولدينا كثير من الاشياء
التي لا تؤهلنا أن نعيش في أحد تلك النجوم ، فلابد أن تختزل ونحن هنا النجوم على
صفحات وجوهنا لنقائها ، ولو اقتربنا ونحن على ما نحن الآن فقد تصيبنا بشهبها ، ولقالت
لي هامسة ، أرحل ... أرحل .
فلابد أن ننظف نظافة تامة من كل نزغات شيطانية ، ومن كل اشكال الشر والمعصية ،
فبعد ذلك نرحل الى هناك ، ونعبد الله عبادة حقا وتعبدا ورقا له وحده لا شريك له ،
ولو شربنا من ماء احد النجوم للمعنا لمعانها .
ولكن لنكف عن انفسنا عناء الرحلة والسفر ، ولنبقى على أرضنا ، وننشر السلام والاسلام ،
والمحبة والوئام ، ولنحول تلك الارض الارجوانية المخضبة بخضاب الدماء ، الى أرض
وردية ملونة بلون الزهور ، ونحولها من عالم الظلم والطغيان ، الى عالم الاحلام ،
فنلمع بتلك الارض اشد من لمعان النجوم ، ونحولها من أرض دامعة الى ارض باسمة ،
ونصنع العالم المثالي .. واعلم اني وانت أن لم نكن جزء من الحل فاننا جزء من المشكلة